ميلاده
ولد اللواء محمد جمال حامد عبد الجواد المصرى فى مدينة جرجا سنة 1349هـ ، الموافق يوم 28/أبريل 1931م ، وغلبت شهرته باسم جمال المصري ، وكان يعرف بين أهله فى جرجا باسم جمال ، على الرغم أن اسمه " محمد جمال " اسم مركب . وهو من أسرة شهيرة فى جرجا ، جمعت بين عراقة النسب والشهرة بالعلم ، فهو ينتسب إلى الإمام السبط الحسن بن على بن أبى طالب ، وقد ذكر ذلك المؤرخ الجرجاوى الشيخ محمد حامد المراغي أن أسرة المصرى تنتهى فى نسبها إلى أشراف سمهود ، نسبة إلى محمد أبو الفضل الحسنى السمهودى ، ويوجد لدى الأسرة جرد نسب مسجل بنقابة الأشراف .
ويعتبر اللواء جمال المصرى من خيرة رجال جرجا وأعلامها ، بل من أعلام القرن الرابع عشر الهجرى بدون خلاف ، فقد كان والده حامد المصرى من أعيان التجار فى جرجا ، وكان وكيل مشيخة الطرق الصوفية بها ، وقد تزوج والده حامد المصرى من ابنة عمه عبد المنعم نقيب أشراف جرجا آنذاك ، ثم تولى نقابة الأشراف الفرعية بجرجا من بعده الشيخ عبد اللاه محمود المصرى ، فحمل لقب وكيل عام السادة الأشراف بجرجا .
تعلم جمال المصرى فى مدارس جرجا الابتدائية والإعدادية والثانوية ، التي يقال لها يومذاك " التوجيهية " ، ثم التحق بكلية الشرطة ، وكان عميد كلية الشرطة فى تلك الأيام أمير آلاى عبد الجواد المصرى ، أحد أعمام اللواء جمال المصرى ، وتخرج جمال من تلك الكلية سنة 1374هـ/1955م ، ثم اشتغل فى بداية عمله بالداخلية ضابطاً فى المباحث الجنائية فى بنى سويف ثم فى الإسماعيلية ، وأخذ فى الترقى حتى أصبح رئيس المباحث العامة والتى تعرف فى يومنا هذا باسم " مباحث أمن الدولة " فى الأقصر .
وفى مدينة الأقصر التقى جمال المصرى بالشيخ_الكبير العارف بالله_تعالى( أحمد بن رضوان) ، ثم أصبح من ذلك الوقت من أهم مريديه ، وكانت هذه العلاقة نقطة تحول فى حياة اللواء جمال المصرى ، فلم نقطة تحول من الشر إلى الخير ، بل من الخير إلى خصوصية الخير ، فلقد شهد كل من كانت له علاقة بشخص جمال المصرى أنه إنسان ودود ، طيب القلب ، خير بطبعه ، وما عهد عليه أحد أنه استخدم سلطان عمله فى جهاز " أمن الدولة " وهو جهاز السيادة فى الدولة ، وقليل من لم يغتر بهذا السلطان ، فقد كانت علاقته طيبة مع جميع من اشتغلوا معه أو رافقوه فى العمل ، كانت طريقة تعامله مع المتهمين السياسيين من ذوى اللحى من جماعة الجهاد ، أو جماعة التكفير والهجرة ، أو الجماعات الإسلامية ، لها سمتها الدالة على طيبة قلبه ، فهو يحترم النية الحسنة التى قامت عليها فكرة الصحوة الإسلامية ولكنه يكره العنف ولا يستخدم الشدة فى التغيير والإصلاح . وروى عنه أنه قبض على رجل دين مشهور ، فأكرمه حتى أنه سمح أنه ينام على فراشه بدلاً من أن ينام فى السجن ، وكان فى كل ليلة يتحاور مع هذا الرجل فى أمور الدين والسياسة باللين ، فلما وجد أن الرجل كان مظلوماً أطلق سراحه ، بل وشهد له بأنه من العلماء الأعلام الذين يجب أن يؤخذ عنهم الإسلام .
ومن علاقاته الطيبة مع الناس أنه ذهب إليه رجل من نصارى جرجا وطلب خدمة يؤديها له ، فأعطاه جمال المصرى ورقة إلى الجهة التى سيذهب إليها وكتب على الورقة " حامل هذه الرسالة ابن عمى " وعندما اكتشف الموظف المسئول أن جمال المصرى مسلم والرجل الجرجاوى نصرانى أخذ يضحك حتى استرخت عضلاته ، وأخيراً قضيت الحاجة .
كانت علاقة جمال المصرى بالشيخ أحمد بن رضوان سبباً فى استقراره فى مدينة الأقصر ، وفى سنة 1389هـ/1870م ترقى إلى رتبة مقدم ، فانتقل على أثرها إلى مديرية أمن قنا ، فعمل بها مفتشاً جهاز مباحث أمن الدولة .
جمال المصرى وخالد الإسلامبولى
من الأعمال التى يخلدها التاريخ لجمال المصرى وتحسب له فى ميزانه أنه كتب تقريراً تفصيلياً وهو فى قنا عن الملازم أول خالد الإسلامبولى المتهم الأول فى قتل الرئيس محمد أنور السادات ، فى يوم السادس من أكتوبر سنة 1981م ، فقد أرسل جمال المصرى هذا التقرير إلى وزير الداخلية ، وشرح فيه ما رآه من أخطار ، وحذر من الظروف والملابسات التى يمكن أن تتم فى العرض العسكرى الذى سيقام فى ذلك التاريخ 6/أكتوبر/1981م وأشار إلى خطورة اشتراك هذا الضابط خالد الإسلامبولى الذى كان عضواً فى جماعة الجهاد الإسلامية ، والتى كانت تخطط لقتل الرئيس السادات وقلب نظام الحكم ، ولكن التقرير الذى كتبه جمال المصرى وصل إلى مكتب الوزير ولم يعرض عليه ، بل وضعوه فى الأدراج ضمن البوستة التى ستعرض على وزير الداخلية ، لأن أمر الله كان مفعولاً .
وعندما نجحت خطة قتل الرئيس السادات قامت وزارة الداخلية بنقل اللواء جمال المصرى إلى الدفاع المدنى ، بحجة أنه ـ باعتباره رئيس جهاز أمن الدولة فى قنا ـ قصر فى تقديم تقرير كاف عن الضابط خالد الاسلامبولى الذى كان يقيم هو وأسرته فى مدينة نجع حمادى ، والشئ الذى لم يعرفه وزير الداخلية إلا مؤخراً أن جمال المصرى قدم تقريراً وافياً ، ووقع التقرير فى يد الوزير ولكن بعد فوات الأوان .
على أيه حال فقد رفض جمال المصرى أن ينفذ أمر النقل الصادر له من مباحث أمن الدولة إلى الدفاع المدنى ، وشعر بأن هذا الفعل إهانة كبرى توجه إليه بغير ذنب ، فهو من الضباط المشهود لهم بالانضباط فضلاً عن حسن السير والسلوك ، ولذا قرر الرجل أن يذهب إلى وزير الداخلية شخصياً ليرى لماذا تم نقله من جهاز أمن الدولة إلى الدفاع المدنى ؟ ولكنه لما وجد أن وزير الداخلية قد أصر على تنفيذ أمر نقله بعد أن حدثت مشادة كلامية مع الوزير ، ثم قرر الرجل العودة إلى الصعيد وهو حزين جداً من أن تكون تلك نهايته بعد كل الخدمات التى قدمها لصالح العمل ، وقرر الرجل تقديم استقالته من الداخلية ، وأنه لن يعود إلى عمله مرة أخرى ، وفى أثناء عودته إلى جرجا أصيب بأزمة قلبية حادة ، نقلوه على أثرها إلى القاهرة فى مستشفى شرطة العجوزة ، ولكن الروح الطاهرة قد خرجت إلى السماء تشكو من ظلم الأشقياء . ولقد قرأت شهادة وفاة جمال المصرى مؤرخة بيوم 17/يناير 1982م ، وكان سبب الوفاة جلطة بالشريان التاجى وهبوط حاد فى الدورة الدموية ، أو ما يعرف بالذبحة الصدرية ، وانتقلت الروح إلى بارئها ، وشيعت جنازته فى شكل عسكرى مهيب ، فقد وضعوا جثمانه على مدفع ملفوف بعلم مصر ، وسار خلفه وأمامه آلاف من رجال الشرطة وأبناء جرجا ، وحضر تشييع الجنازة خمس محافظين ومعهم التشريفات العسكرية ، وأمام هذا الزحام الشديد اضطربت جنبات جرجا ، حتى أن الجهات الحكومية قد أخذت هذا اليوم أجازة رسمية فى جرجا ، الأمر الذى ساعد على خروج الكثير من أبناء جرجا والسير خلف جنازة المغفور له جمال المصرى .
وقد أقيمت السرادقات للعزاء ثلاثة أيام ، فحضر الناس للعزاء من كل حدب وصوب ، وقد قرأت فى جريدة الأهرام المؤرخة بيوم الجمعة 26/فبراير 1982م نعى عزاء اللواء جمال المصرى ، وكان ذلك بمناسبة ليلة الأربعين( ) من وفاته ، وكان قارئ الليلة من مشاهير القراء وهو الشيخ عبد الباسط عبد الصمد ، ومعه الشيخ أحمد شحات الرزيقى ، وهما قارئان شهيران فى الإذاعة والتليفزيون المصريين ، وكانت الذكرى السنوية مساء يوم الجمعة الموافق 21/يناير 1983م والتى قرأ فيها من مشاهير القراء الشيخ محمود صديق المنشاوى ، ومعه الشيخ عبد الرازق محمد إسماعيل قارئ جرجا الشهير ، والذى كان متأثراً فى ترتيله وتجويده بمدرسة الشيخ المنشاوى .
أولاد جمال المصرى
ولد اللواء جمال المصرى أنجب سبع بنات وولداً واحداً ، وهم كالآتى : ولده الأستاذ رأفت وشهرته مؤمن المصرى ، يعمل محاسباً ببنك مصر بجرجا ، وأما البنات فهن : السيدة أميمة زوج اللواء منير عبد العال ـ كان مأمور مركز أبى تشت بمحافظة قنا ـ والثانية : السيدة سوسن زوج اللواء أحمد الملثم مساعد وزير الداخلية ، ومدير الإدارة العامة للتفتيش والرقابة ، والثالثة : السيدة نجوى زوج الدكتور أحمد الأمير حسن ، رئيس قسم المسالك البولية بمستشفى قنا العام ، والرابعة : نانى ، وهى زوج الأستاذ يحيى أبو زيد المحامى بقنا ، والخامسة : صباح ، وهى زوج الأستاذ مجاهد على حسنين المصرى المحامى ، وكان يعمل مفتشاً للتموين بجرجا ، ثم عمل مأذوناً شرعياً خلفاً لأبيه الشيخ على حسنين المصرى ، والسادسة : هويدا ، وهى زوج الأستاذ عبد الله محمد عبد الرحمن المصرى ، ويعمل مهندس كيميائى فى مصنع الألومنيوم بنجع حمادى ، والسابعة : منال ، وهى زوج الدكتور مجدى محمود المهندس ، من أسرة المهندس بجرجا ، وكان يعمل طبيب ، ثم مدير التأمين الصحى بجرجا.
السيد شيخ مشائخ الطرق الصوفية \الحاج حامد عبد الجواد المصرى
مع أبنة فى الصغر السيد اللواء جمال المصرى رئيس مباحث أمن الدولة و مدير أمن قنا الأسبق
جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة ، ولا يحق لأى دار نشـــر او اى شخص ، طبع ونشر وتوزيع الماده او نقلها الكترونيا الا بموافـقة كتابية وموثـقة من المـــؤرخ حتى لا يتعرض للمسائلة القانونية .
رجاء كتابة البيانات الصحيحة حتى يتسنى لنا نشر تعليقكم