من هم مساعيد جرجا قديما " مساعيد العسيرات حاليا"

 

شيخ المداحين في بر الصعيد، وصاحب الصوت الشجى المثقل بالشجن المحلق فى فضاء النور النبوى والعشق الإلهي..

شيخ المداحين الذى لم تبهره أضواء المدينة وظل يعيش منذ ولادته عام 1944 حتى وفاته فى يوليو 2015 فى قريته بمركز اسنا بمحافظة الاقصر..

شيخ المداحين عريض مساحات الصوت، أسمر الوجه، حامل الدُف، مغلق العين اليُمنى، صاحب الاختيارات الموسيقيّة التي تشبهه، وتجعله حالة مُتفرّدة في المديح والإنشاد، وترشحه عن جدارة لنيل لقب «شيخ المداحين» في بر الصعيد.

صاحب الإجازة فى أصول الدين الذي لم يتوقف عند الإنشاد الديني والمديح وصال وجال فى السير والقصص الديني والمواعظ والحكم وأسس مدرسة متفردة لم يسبقه لها غيره فى إحياء الليالى المسيحية والانشاد المسيحى.

كان له حفل دائم كل عام فى مولد العذراء بدرنكة بأسيوط، وأدخل آلة المثلث إلى فرقته من الفن الكنسي، وجابت حفلاته كل العالم وأحيت ليالى القاهرة دوما لكنه لم يغادر قريته.

هو من جيل الشيخ ياسين التهامى والتونى، وكان المنشد محمد العجوز يناديه ياخال لأن أمه كانت من اسنا، وكانت بدايته مع خاله، وشاركه الغناء فى ألبومين أشهرهم فرش وغطا.

ولقد مثل هذا الألبوم مبارزة فى الارتجال تخطت الساعة، وليتخيل من لا يعرفه قدرته الفذة في الارتجال من هذه الفقرة..

علامة السبع يستحمل قسى الأيام

يمشي مع الوقت ولا يشكي من الأيام

ويقابل الضيف بالوجه البشوش أيام

ويكرم الضيف شتا مع صيف ميملش

لو أتته كلمة ومن غير بال ميملش

يكلها بالملح والفرفات ميملش

السبع ميملش ولو حكمت عليه الأيام

 يغني مواويل المديح بشكل شعبي صرف، كما أنك تجده قد اهتم بغناء الموال الشعبي المستقل عن المديح، فهو يمزج مدح النبي بالحديث عن الدنيا ومواعظ الحياة، وكذلك قصص الأنبياء والدروس المستفادة منها، وفوق هذا وذاك تجد البرين أحد رواة السير الشعبية القلائل.

آخر ألبوم له صدر فى عام 2003 عن معهد العالم العربي بباريس، تحت عنوان "غناء صوفي" أو Chants Sufi، وكتب على غلافه «أحمد برين حالة خاصة حرة متحررة».

هو بالفعل كان حالة خاصة وحرة تحلق كيف تشاء تتناول ما تشاء، فلك أن تتخيل تعرضه لقصة سيدنا يوسف منطلقا من أشواق زليخة، وهكذا ظل متحررا مجددا منسجما صادقا فى كل ما يقول.

رحل الشيخ العظيم ودفن فى بلدته التى لم يفارقها، مُخلّفًا وراءه تُراثًا أكبر  من الأمداح النبويّة، والغناء الصوفيّ الذائب بمحبة إلهية مُتفرّدة..

تعديل المقال